حرب غزة.. قلق أميركي بشأن الاجتياح البري: إسرائيل غير مستعدة وخطتها “غير قابلة للتحقق”

عبّر مسؤولون كبار في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عن قلقهم بشأن عدم وجود خطة إسرائيلية “قابلة للتحقق” في قطاع غزة، وقالوا إن القوات الإسرائيلية “ليست مستعدة بعد لشن هجوم بري يمكن أن يكون ناجحاً”، وفق ما أوردت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.

وأكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، خلال مكالمة هاتفية مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، الاثنين، ضرورة دراسة متأنية لكيفية تنفيذ القوات الإسرائيلية لهجوم بري على غزة، نظراً لاحتفاظ حركة “حماس” بشبكات أنفاق معقدة، تمتد تحت مناطق مكتظة بالسكان.

ويشدد المسؤولون في إدارة بايدن على أن الولايات المتحدة لم تصدر إرشادات محددة لإسرائيل بشأن مسار العملية البرية، ومع ذلك، أرسل البنتاجون اللفتنانت جنرال في مشاة البحرية جيمس جلين، بالإضافة إلى ضباط آخرين لمساعدة الجانب الإسرائيلي في التعامل مع التحديات التي يشهدها القتال في المناطق الحضرية.

وفيما يتعلق بإرسال الجنرال جلين، أشار مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية إلى أن ذلك لا يعني أن البنتاجون سيتخذ قراراً نيابة عن الإسرائيليين. ولا يوجه الجنرال جلين وغيره من ضباط الجيش الأميركي العمليات الإسرائيلية، ولكنهم يقدمون المشورة العسكرية للجيش الإسرائيلي بشأن خططه في غزة، وفق “أكسيوس”.

وأكد مسؤول في البنتاجون أن “جلين لن يكون على الأرض في إسرائيل إذا بدأ التوغل في غزة”.

وقال المسؤولون إن إدارة بايدن “قلقة”، مشيرين إلى أن “الجيش الإسرائيلي ليس لديه بعد مسار عسكري واضح لتحقيق هدف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتمثل في القضاء على حماس”.

وأضاف المسؤولون الأميركيون أنه “خلال محادثات مع مسؤولين إسرائيليين منذ هجمات حماس في 7 أكتوبر “لم يروا بعد خطة عمل قابلة للتحقيق”.

ولفتت الصحيفة إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن “ألمح إلى ذلك علناً”، قائلة إنه حذر خلال خطابه في تل أبيب، الأسبوع الماضي، من أن إسرائيل ستحتاج إلى “وضوح بشأن الأهداف وتقييم صادق حول ما إذا كان المسار الذي تسير فيه سيحقق تلك الأهداف”.

حرب الموصل أم الفلوجة؟
وقال وزير الدفاع الأميركي، لشبكة ABC News، الأحد: “أول شيء يجب أن يعرفه الجميع، وأعتقد أن الجميع يعرفه، هو أن القتال داخل المدن صعب للغاية”.

وذكر المسؤولون الأميركيون لصحيفة “نيويورك تايمز” أن إسرائيل عليها أن تختار بين أسلوبين خلال محاولتها القضاء على حركة “حماس”.

وأوضحوا أن الأسلوب الأول “استخدام الضربات الجوية المحددة جنباً إلى جنب مع الغارات التي تحددها قوات العمليات الخاصة، كما فعلت الطائرات الحربية الأميركية والقوات العراقية والكردية في الموصل”.

وأشاروا إلى أن الأسلوب الثاني هو “التوغل في غزة بالدبابات والمشاة، كما فعل مشاة البحرية الأميركية والجنود، إلى جانب القوات العراقية والبريطانية، في الفلوجة عام 2004”.

وقال المسؤولون إن “كلا التكتيكين سيؤدي إلى خسائر فادحة، لكن العملية البرية قد تكون أكثر دموية للقوات والمدنيين”.

وذكرت الصحيفة أن العديد من المسؤولين في “البنتاجون” يعتقدون أن “عمليات الموصل والرقة في العراق، والتي جرت بعد أكثر من عقد من الحرب في الفلوجة، هي نموذج أفضل لحرب المدن”.

وأسفرت معركة الموصل والرقة عن خسائر كبيرة في صفوف المدنيين. ومع ذلك فإن “الأرقام يمكن أن تختلف على نطاق واسع”. وقدّرت وكالة “أسوشيتد برس” عدد المدنيين الذين لقوا حتفهم خلال محاولة تخليص الموصل من مقاتلي داعش بما يتراوح بين 9 آلاف إلى 11 ألف شخص.

وقال الزميل في معهد واشنطن مايكل نايتس إن تنظيم “داعش” لم يكن أمامه سوى عامين لإعداد دفاعات في الموصل، مضيفاً: “أما حماس فكان أمامها 15 عاماً لإعداد دفاع كثيف في العمق يدمج التحصينات الجوفية والأرضية وفوق الأرض وأنفاق ومواقع قتالية”، بالإضافة إلى “حقول الألغام المحتملة”.

من جانبه، حذر السيناتور الديمقراطي جاك ريد، من ولاية “رود آيلاند”، رئيس لجنة القوات المسلحة، من أن قتال المدن في قطاع غزة “سيكون جهداً طويل الأمد”، مشيراً إلى أن “الجيش العراقي، بمساعدة الولايات المتحدة، استغرق 9 أشهر لهزيمة تنظيم (داعش) في الموصل”.

ودعا ريد إسرائيل إلى تأجيل الغزو البري لغزة لكسب الوقت، وعدم التسرع، موضحاً أن “القليل من الوقت الإضافي قد يكون مفيداً”. وأشارت الصحيفة إلى أن “إدارة بايدن قدمت النصيحة نفسها إلى إسرائيل”.

الأسئلة الصعبة
وذكر منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض جون كيربي، خلال مؤتمر صحافي، الاثنين، أن الولايات المتحدة أرسلت عدداً قليلاً من المستشارين العسكريين إلى إسرائيل لتقديم المشورة للقادة الإسرائيليين في عمليات الجيش بقطاع غزة.

وأشار كيربي إلى أن “الولايات المتحدة لا تملي شروطاً على إسرائيل بشأن توقيت الهجوم”، لكنه أشار إلى محادثات مع الإسرائيليين بشأن ضرورة احترام قانون الحرب والقانون الإنساني.

وقال متحدث باسم البنتاجون لـ”أكسيوس”: “طلبنا من المسؤولين ذوي الخبرة ذات الصلة مساعدة المسؤولين الإسرائيليين على التفكير في الأسئلة الصعبة المقبلة، واستكشاف خياراتهم. وسيتخذ الجيش الإسرائيلي، كما هو الحال دائماً، قراراته الخاصة”.

وأعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، الأحد، صراحة أنه ينتظر “موافقة المستوى السياسي على العمل البري، وهذه هي طريقة القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي لنقل عبء تحمل المسؤولية إلى الحكومة، خاصة إلى رئيس الوزراء”.

وقبل أيام، نقلت شبكة CNN الأميركية عن مصادر في واشنطن، لم تسمها، قولها إن الإدارة الأميركية تضغط على إسرائيل لتأجيل الدخول البري لقطاع غزة من أجل السماح بإحراز تقدم في قضية الرهائن، لكن مصادر في إسرائيل نفت “وجود ضغوط أميركية على إسرائيل”.

“حالة عدم ثقة”
وتواجه الحكومة الإسرائيلية صعوبة في التوصل إلى قرارات متفق عليها بشأن حرب إسرائيل على غزة، أبرزها الاجتياح البري ومواجهة معضلة الرهائن المحتجزين لدى حركة “حماس”، ما أدى لتشكل حالة من “عدم الثقة”.

ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية عن مسؤولين عسكريين، لم تسمهم، قولهم إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو “غاضب” من كبار مسؤولي الجيش الذين يتحملون المسؤولية عما حدث من نتائج إثر الهجوم واسع النطاق الذي شنته “حماس” في 7 أكتوبر الجاري، ويتفاعل مع الآراء والتقديرات التي يعبر عنها الجنرالات، و”ليس في عجلة من أمره لتبني خططهم”.

وأشارت إلى أن عمل نتنياهو مع وزير الدفاع يوآف جالانت “يبدو صعباً” وسط قلق من العاصفة المتوقعة بعد انتهاء الحرب، إذ يتعين على حكومة الطوارئ المشكلة حديثاً اتخاذ قرار بالغ الأهمية في الأيام المقبلة، وربما في الساعات المقبلة.

ووصفت الصحيفة، الحكومة بأنها “الحلقة الأضعف”، إذ وبحسب شهادات مسؤولين سياسيين وعسكريين، فإن الحكومة تواجه صعوبة في التوصل إلى قرارات متفق عليها بشأن القضايا الرئيسية المطروحة على جدول الأعمال.

كما أن الحكومة تواجه استقالات محتملة، إذ يفكر 3 وزراء في الاستقالة لإجبار نتنياهو على تحمل مسؤولية الهجوم المباغت الذي نفذته “حماس” وأودى بحياة 1400 إسرائيلي.

وأشارت الصحيفة إلى أن موقف الوزراء نابع من استطلاعات للرأي في إسرائيل أظهرت أن 75% من الجمهور يحمل نتنياهو المسؤولية الرئيسية عن الهجوم، إذ أكد 66% على ضرورة استقالة نتنياهو في نهاية الحرب، ومن بين المشاركين في الاستطلاع يؤيد أكثر من نصف ناخبي حزب الليكود ضرورة استقالة رئيس الوزراء في نهاية الحرب

اترك رد